فصل: حكم حل السحر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.دفع شرور شياطين الإنس والجن:

المَلك والشيطان يتعاقبان على قلب ابن آدم تعاقب الليل والنهار، وللمَلك بقلب ابن آدم لَمّة، وللشيطان لََمّة، والحرب سجال.
وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان:
فإما إلى غلو ومجاوزة.. وإما إلى تفريط وتقصير.
ولدفع شرور شياطين الإنس والجن أرشدنا الله عز وجل إلى أمرين:
الأول: أمر الله عز وجل بمصانعة العدو الإنسي، وملاطفته والإحسان إليه، فإن طبعه الطيب الأصل يرده إلى الموالاة وكريم الأخلاق: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [34] وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [35]} [فُصِّلَت:34- 35].
الثاني: أمر الله عز وجل بالاستعاذة من العدو الشيطاني، الذي لا يقبل مصانعة ولا إحساناً، بل طبعه إغواء بني آدم وعداوتهم، فقال سبحانه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [36]} [فُصِّلَت:36].

.7- ما يعتصم به العبد من الشيطان من الأدعية والأذكار:

أرشد الله عز وجل كل مسلم أن يتحصن من الشيطان، ويحذر من شره، بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، من الأدعية والأذكار، وفيهما الهدى والشفاء والعصمة من جميع الشرور في الدنيا والآخرة ومن ذلك:
الحرز الأول: الاستعاذة بالله العظيم من الشيطان الرجيم.
فقد أمر الله رسوله أن يستعيذ بالله من الشيطان على وجه العموم، وعند قراءة القرآن، وعند الغضب، وعند الوسوسة، وعند الحلم المكروه على وجه الخصوص.
قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [36]} [فُصِّلَت:36].
وقال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [98] إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [99]} [النحل:98- 99].
الحرز الثاني: التسمية، فالتسمية حرز من الشيطان، وعصمة من مخالطته للإنسان في طعامه وشرابه، وجماعه، ودخوله بيته، وسائر أحواله.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّهُ سَمِعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا دَخَلَ الرّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ». أخرجه مسلم.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ إِذَا أرَادَ أنْ يَأْتِيَ أهْلَهُ فَقَالَ: بِاسْمِ الله، اللَّهمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أبَداً». متفق عليه.
الحرز الثالث: قراءة المعوذتين عند النوم، وأدبار الصلوت، وعند المرض والأحوال الشديدة.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الجُحْفَةِ وَالأَبْوَاءِ إِذ غَشِيَتْنَا رِيحٌ وَظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذ بأَعُوذ برَب الفَلَقِ وَأَعُوذ برَب النَّاسِ وَيَقُولُ: «يَا عُقْبَةُ تَعَوَّذ بهِمَا فَمَا تَعَوَّذ مُتَعَوِّذٌ بمِثلِهِمَا» قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَؤُمُّنَا بهِمَا فِي الصَّلاَةِ. أخرجه أحمد وأبو داود.
الحرز الرابع: قراءة آية الكرسي.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم-فَقَصَّ الحَدِيثَ- فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ الله حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». أخرجه البخاري معلقاً.
الحرز الخامس: قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة:
قال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [285] لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [286]} [البقرة:285- 286].
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، فِي لَيْلَةٍ، كَفَتَاهُ». متفق عليه.
الحرز السادس: قراءة سورة البقرة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ». أخرجه مسلم.
الحرز السابع: الإكثار من ذكر الله تعالى بقراءة القرآن، والتهليل والتكبير، والتسبيح والتحميد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قالَ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أحَدٌ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ إِلا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ». متفق عليه.
الحرز الثامن: دعاء الخروج من المنزل.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بسْمِ الله تَوَكَّلْتُ عَلَى الله لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله. قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ كَيْفَ لَكَ برَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
الحرز التاسع: الدعاء إذا نزل منزلاً.
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ». أخرجه مسلم.
الحرز العاشر: كظم التثاؤب، ووضع اليد على الفم.
عَنِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ، فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ». متفق عليه.
الحرز الحادي عشر: الأذان.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ، أدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإذَا قَضَى النِّدَاءَ أقْبَلَ، حَتَّى إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ أدْبَرَ، حَتَّى إذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذكُر كَذَا، اذكُر كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى». متفق عليه.
الحرز الثاني عشر: دعاء دخول المسجد.
عَنْ عُقْبَةَ قالَ: حَدَّثنَا عَبْدِالله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذا دَخَلَ المَسْجِدَ قَالَ: «أَعُوذ بالله العَظِيمِ وَبوَجْهِهِ الكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» قَالَ: أَقَطْ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذا قَالَ ذلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ اليَوْمِ. أخرجه أبو داود.
الحرز الثالث عشر: الوضوء والصلاة، ولاسيما عند الغضب والشهوة المحرمة.
الحرز الرابع عشر: طاعة الله ورسوله وتجنب فضول النظر، والكلام، والطعام، والمخالطة.
الحرز الخامس عشر: تطهير البيت من الصور والتماثيل، والكلاب والأجراس.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلاَ جَرَسٌ». أخرجه مسلم.
الحرز السادس عشر: اجتناب مساكن الجن والشياطين كالأماكن الخربة، والأماكن النجسة كالحشوش والمزابل، والأماكن الخالية من الإنس كالصحاري وشواطئ البحار البعيدة، ومرابض الإبل ونحوها.

.8- علاج السحر والمس:

السحر: هو كل ما خفي ولطف سببه وهو عبارة عن رقى وعقد، وعزائم وأدوية، تؤثر في القلوب والأبدان.

.كيفية حصول السحر:

يستعمل الدجالون والمشعوذون تلك الرقى والعزائم، ويستعينون بالشياطين للإضرار بالناس، ولا يمكن للساحر أن يتعاطى السحر، وأن يؤثر في الناس ويضربهم إلا إذا تعامل مع الشياطين، وأشرك بالله عز وجل.
فإذا أشرك بالله وكفر به، وأرضى الشياطين بمعصية الله، فإن الشياطين تتعاون معه للإضرار ببني آدم، مقابل كفره بالله عز وجل.

.حكم السحر:

السحر شر محض، وظلم وبغي وعدوان، واعتداء على حقوق العبد إما في بدنه، أو ماله، أو عقله، أو علاقته مع غيره.
وتعلمه وتعليمه وفعله كفر، ولا يجوز الاستعانة بالسحرة لقضاء الحوائج، ومعرفة الغائبين، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل.
والساحر كافر، ولكنه لا يضر أحداً إلا بإذن الله.
قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [102]} [البقرة:102].
وقال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا [26] إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا [27]} [الجن:26- 27].

.أقسام السحر:

السحر ينقسم إلى قسمين:

.الأول: سحر حقيقي:

يؤثر في القلوب والأبدان، وهو ناتج عن أفعال يفعلها السحرة بالناس.
فهو يمرض، أو يقتل، أو يفرق بين المتحابين، أو يجمع بين المتباغضين، وهو ما يسمى بالصرف والعطف.
فهذا سحر حقيقي مشاهد، لكنه لا يكون ولا يضر أحداً إلا بإذن الله.

.الثاني: سحر تخييلي:

وهو ما يسمى عند الناس بالقُمْرة، وهو نتيجة الشعوذة.
حيث يعمل الساحر أشياء وإشارات يخيل للناس أنها حقيقة، تحصل بسبب تعاون الساحر مع الشياطين، وليست حقيقة، كأن يبتلع الساحر الجمر ولا يؤثر فيه، أو يطعن نفسه بالسكين ولا تؤثر فيه، أو يمشي في النار ولا يجد حرها.
وكأن يعطيك ورقاً ويخيل إليك أنها نقود، فإذا ذهب عادت إلى طبيعتها ورقاً.
ومنه السِّيْرك، وأهل السِّيْرك سحرة دجالون كمن يمشي على حبل، أو يرمي خرقة يخيل للناس أنها حمامة ونحو ذلك.
فهذا كله سحر تخييلي باطل كما حكى الله عن سحرة فرعون حيث: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى [65] قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [66]} [طه:65- 66].

.عقوبة الساحر:

السحر كفر، والساحر كافر؛ لأنه لا يمكن إلا عن طريق الشياطين، وعن طريق الشرك بالله جل جلاله.
فإذا ثبت على أحد أنه ساحر، إما بإقرار، أو بشهادة عدلين عليه، وجب قتله، لقطع دابره، وإراحة المسلمين من شره.
عَنْ بَجَالَةَ قالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بسَنَةٍ: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ، فَقَتَلْنَا فِي يَوْمٍ ثلاَثةَ سَوَاحِرَ. أخرجه أحمد وأبو داود.

.حكم حل السحر:

السحر من الكبائر، ومن أعظم المحرمات، فلا يجوز التداوي به، ولا حل السحر به، وهو ما يسمى بالنشرة.
وإنما يُحَلّ السحر بالأدوية المباحة، والآيات القرآنية، والأدعية النبوية، وطلب الشفاء من الله الذي لا شافي إلا هو كما قال سبحانه: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [107]} [يونس:107].

.حكم تحضير الأرواح:

تحضير الأرواح نوع من أنواع السحر، وتحضير الأرواح تلبيس باطل، فليست الأشياء التي تتكلم هي الأرواح، وإنما هي الشياطين تدعي أنها هي الأرواح، وأرواح الموتى لا يمكن تحضيرها؛ لأنها في قبضة الله، لكن قد يأتي الشيطان بصورة الميت.

.حكم استخدام الإنس للجن:

الجن أحياء عقلاء.. مأمورون منهيون.. لهم طاعات ومعاص.. ولهم ثواب وعقاب.. لكننا لا نراهم في صورتهم.
واستخدام الإنس للجن له أربع حالات:
أحدها: أن يستخدم الجني في طاعة الله ورسوله.
فمن كان من الإنس يأمر الإنس ويأمر الجن بما أمر الله ورسوله به من الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا من أفضل أولياء الله، وقد حضر الجن لسماع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [29]} [الأحقاف:29].
الثانية: أن يستخدم الجن في أمور مباحة شرعاً، فهذا يُمنع منه؛ لعدم وروده في الشرع.
الثالثة: أن يستخدم الجن فيما يظن أنه من الكرامات، فهذا مغرور قد مكروا به.
الرابعة: أن يستخدم الجن فيما نهى الله ورسوله عنه، إما في الشرك، وإما في قتل معصوم الدم، أو في عدوان كنهب أموال الناس، وإيذاء المسلمين بمرض أو فاحشة ونحو ذلك، فهذا كله محرم؛ لما فيه من الظلم والإثم والعدوان.

.المس:

هو صرع الجن للإنس.

.أسباب المس:

المس يقع بشكل مباشر من الجن، وأسبابه ثلاثة:
أحدها: أن يقع المس عن شهوة وهوى وعشق كما يقع للإنس.
الثاني: أن يقع عن بغض ومجازاة لمن ظلمهم أو آذاهم من الإنس، إما بقتل بعضهم، أو صب ماء حار عليهم، أو البول على بعضهم ونحو ذلك.
الثالث: أن يقع عن عبث وشر من الجن كما يفعله سفهاء الناس بالناس.

.الصرع:

غشية وإغماء يعتري بعض الناس أحياناً.

.أسباب الصرع:

أسباب الصرع كثيرة، فهو يحصل إما بسبب صداع في الرأس.. أو وهن في البدن.. أو إرهاق وتعب ونحو ذلك.
وقد يكون سببه تلبس الجني بالإنسي، وغلبة الجني على روح الإنسي، فيصرع الإنسي، ويغلب على عقله، ويتكلم بما لا يقصده، وينطق الجني على لسانه.

.علاج السحر والمس:

السحر والمس له حالتان:

.الأولى: أن يعرف الإنسان موضع السحر:

فيُستخرج ويُتلف بحرق ونحوه، فيبطل السحر بإذن الله، وهذا أبلغ ما يعالج به المسحور.
ويمكن معرفة مكان السحر بما يلي:
إما بالرؤيا في المنام.. أو يوفقه الله لرؤيته أثناء البحث عن السحر.. أو يعرفه إذا قرأ على المسحور فينطق الجني، ويخبر بمكان السحر ونحو ذلك.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلا يَأْتِيهِنَّ، قال سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ، إِذَا كَانَ كَذَا فَقال: «يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقال الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قال: مَطْبُوبٌ، قال: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قال: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ-رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ كَانَ مُنَافِقاً- قال: وَفِيمَ؟ قال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، قال: وَأَيْنَ؟ قال: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ». قَالَتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ. متفق عليه.

.الثانية: أن لا يعرف موضع السحر:

فيعالج حينئذ بأمرين: